هل لنا أن نتمسك بشعائرنا الدينية حتى وان كانت تشكل أهانة للآخرين وأزدراء بأنسانيتهم؟

هذا السؤال، وأسئلة أخرى تتفرع منه أثارها القرار الذي صدر أمس عن محكمة ستوكهولم الأبتدائية، والذي قضى بان يدفع مكتب وساطة العمل Arbetsförmedlingen تعويضا مقداره 60 الف كرون لأحد المسجلين لديه في قوائم الباحثين عن عمل. كون المكتب عاقبه على رفضه مصافحة مديرة ورشة ميكانيكية خلال مقابلة معها لبحث طلبه الحصول على عمل تطبيقي في الورشة، مما قاد الى رفض طلبه. المكتب عاقب الباحث عن عمل لتعارض تصرفه خلال المقابلة مع قواعد المقابلات، وقرر تقليص حجم تعويض البطالة عن العمل الذي يدفع له. أما هو فدفع بانه تصرف أنطلاقا من قناعاته الدينية التي يقول أنها لا تبيح له كمسلم مصافحة النساء. وتقدم بشكوى الى مكتب وكيل الجمهور ضد التمييز الذي تبنى قضينه وترافع بأسمه أمام محكمة ستوكهولم الأبتدائية التي وقفت الى جانبه وقررت ان من حقه الحصول على تعويض.

قرار المحكمة بالوقوف الى جانب مواطن سويدي مسلم ضد سلطة حكومية، ومع انه ليس الأول من نوعه فقد سبقته قرارات أنصف فيها أشخاص عوملوا بتمييز على خلفية قناعاتهم الدينية، هذا القرار أثار أرتياح أوساطا واسعة عبر عن جانب منها عبدالحق كيلان من المجلس الأسلامي السويدي الذي رأى أن أمتناع المشتكي عن مصافحة المرأة تعبير عن تقاليد أسلامية معروفة مجسدة حتى في بعض الأفلام الغربية مثل فيلم روبن هود. 

كما أثار قرار المحكمة أرتياح وكيل الجمهور ضد التمييز الأثني كاتري لينا التي تبنى مكتبها طرح الشكوى أمام المحكمة: 

ـ أنا شديدة الأرتياح. الكثير من المؤمنين، يواجهون صعوبة، خاصة حين يبرزون قناعاتهم، في الملابس على سبيل المثال، يواجهون صعوبة في الحياة والمشاركة في المجتمع. وهناك خطر أن تغلق أمامهم أبواب سوق العمل. وتعتقد كاتري لينا أن أستيعاب القانون للدور الذي يلعبه الدين في الحياة اليومية للمؤمنين والى أي مدى يمكن أن يتعرضوا للضغط، هذا الأستيعاب محدود جدا. ويتضرر منه المسلمون: 

وتعتقد كاتري لينا ان هناك جهات لا تريد أحترام الدين، وهناك أيضا أجندة معادية للأسلام يقوم أصحابها بتشويه الأسلام وربط المسلمين بأحداث مؤسفة يقوم بها أفراد. 

هذا الأغتباط بحكم محكمة ستوكهولم الأبتدائية يقابله أستياء ليس من قبل الجهات المعادية للأسلام بل من جانب شخصيات مسلمة، منها البرلمانية ورئيسة أتحاد النساء التابع للحزب الأشتراكي الديمقراطي نالين بيكغول التي تعتقد أن قرار المحكمة سيفضي الى تقوية التشدد الأسلامي، وتعزير الفئات المعايدة للمسلمين والأجانب بشكل عام مثل حزب سفيريا ديموكراترنا المناهض للأغراب: 

ـ هذا الحكم سيؤدي فقط الى تقوية المتطرفين الأسلاميين، بان يكون المجتمع الى جانبهم، وسيجد مسلمون آخرون انهم ليسوا بحاجة الى مصافحة النساء. وتمضي بيكغول الى القول أنه على العكس مما قاله عبدالحق كيلان فان غالبية المسلمين في السويد شديدوا القلق من هذا الحكم. لأنه لايوجد أي نص في القرآن يحرم مصافحة المرأة. وهذا الحكم سيقوي أيضا القوى المعادية للأغراب التي بأمكانها القول الآن أن من غير الممكن التعايش مع المسلمين. 

وحول ما قالته كاتري لينا بان هناك توجها معاد للأسلام، عقبت بيكغول بالقول أن الحكم الصادر عن محكمة ستوكهولم قوى أدعاءات المتطرفين الأسلاميين بان المسلمين لا يمكن ان يحصلوا على عمل في السويد، وبان الدين الأسلامي يحرم مصافحة المرأة، وهذا ليس بالأمر الصحيح.

تدلل بيكغول على رأيها بالقول ان المسلمين من أتباع المذهب الحنفي، يمكن ان يصافحوا النساء ويصلوا بعد ذلك مباشرة. وتمضي بيكغول الى القول أنه لا يمكن تكييف شروط العمل وفقا لقناعات هذا الفريق الديني المتطرف أو ذاك، فلو جاء شخص ينتمي الى جماعة مسيحية متطرفة وطلب ان يكيف أسلوب العمل وفقا لقناعاته الدينية، فلا أعتقد ان ذلك مما يتعين أجابته اليه. 

وتقول السياسية الأشتراكية الديمقراطية أن أزدراء النساء وأضطهادهن ليس سلوكا خاصا بالمتطرفين الأسلاميين، بل هو يمارس كذلك من قبل المتطرفين المسيحيين، ومن جانب سفيريا ديموكراترنا: 

ـ كلهم يريدون تحديد حرية النساء، وان وكيل الجمهور بتحريكها لهذه القضية قد عززت تلك القوى المتشددة، وقدمت المتشددين الإسلاميين بأعتبارهم ممثلين للمسلمين في السويد، وذلك يقلق الأغلبية الكبرى من المسلمين في السويد، وهم قد جرحوا من ذلك.

وكيل الجمهور ضد التمييز كاتري لينا تعثرت بالأجابة على سؤال وجهه اليها مدير المناظرة التلفزيونية، عن أيهما تعرض للأهانة أكثر من الآخر: هل هو الباحث عن العمل أم مديرة العمل التي لم تقبل يدها الممدودة للمصافحة: 

تقول كاتري لينا أنها تحترم مشاعر مديرة العمل ولكن الموضوع المطروح هو تصرف المجتمع بسحب أعانة المعاشية عن الشاب الذي رفض مصافحتها.